"ليس كل ما تأكله أو تشربه ينفعك حتى لو كان صحياً" فإن جميع ما يدخله الإنسان إلى جسمه يمر بعمليات أيض (metabolism) معقدة يأخذ منه الجسم ما ينفعه ثم يتخلص من الباقي على ثلاث أشكال بثلاث طرق :
1. على شكل مخلفات سائلة عن طريق الكلى وجهازها البولي.
2. على شكل مخلفات صلبة عن طريق الجهاز الهضمي.
3. على شكل أبخرة وغازات عن طريق الجهاز التنفسي والجلد.
في هذا المقال سنتناول كيف يتخلص الجسم من مخلفاته السائلة عن طريق الكلى والجهاز البولي.
تخيل نفسك في يوم شديد الحرارة وقد شربت للتو عدة أكواب من الماء واحداً تلو الآخر، خلف هذه الرغبة الملحة للشرب يوجد زوج من الأعضاء كلاً منهما على شكل حبة فاصوليا طوله لا يتعدي 12 سم وعرضه 6 سم وسمكه 3 سم يعملان كمستشعر دقيق لموازنة كمية السوائل في جسمك وتحديد المخلفات في دمك كما يقومان بإطلاق المعادن والفيتامينات والهرمونات اللازمة لحياتك.
"انها كليتك"
الوظيفة الأساسية لهذا العضو هي التخلص من المخلفات الموجودة في الدم وتحويلها إلى البول حيث يمر على الكلى 180 لتر من الدم يومياً وحيث أن جسم الإنسان يحتوي على 5 لترات من الدم فإن كليتك تقوم بتصفية هذه الـ5 لترات 36 مرة في الـ24 ساعة لذلك فهي تعمل بشكل مستمر كلما تناولت طعاماً أو شراباً.
ولكن كيف يتم ذلك؟؟؟
كل كلية تحتوي على وحدات وظيفية تشكل نظام قوي للتصفية والإستشعار وفحص الدم بإستمرار وتسمى النيفرونات(nephrons) وعددها حوالي مليون في كل كلية ومن العجيب أن هذه النيفرونات لا تعمل جميعها في نفس الوقت ولكن بعضها يعمل لفترة ليريح البعض الآخر بالتبادل.
وكل نفرون يحتوي على ثلاث أجزاء هامة تعمل بشكل متناهي التعقيد:
1. ضفيرة من الشعيرات الدموية الدقيقة جداً والملتوية على بعضها تسمى (glomerulus)
2. رأس صغير جداً يشبه الفقاعة تعرف بالكبسولة (Bowman’s capsule) يحتوي بداخله الضفيرة (glomerulus) ووظيفته امتصاص الفضلات والسوائل الزائده من ضفيرة الدم الملتوية والمتجمعة بداخله.
3. وأنبوب ممتد من هذه الرأس يسمى (renal tubule) ولكل جزء من هذا الأنبوب الممتد وظيفة معين فهناك جزء لإعادة امتصاص الصوديوم وجزء آخر لإعادة امتصاص الكالسيوم وهكذا.
علماً بأن هذه النيفرونات لايمكن أن ترى بالعين المجرده فإن حجمها هو 1/10000 من المليمترات.
كيف إذاً تتم عملية التصفية هذه؟؟؟
يدخل الدم إلى كليتيك عن طريق أوردة تتفرع وتتفرع حتى تكون شعيرات دقيقة جداً تشكل الضفيرة الملتوية على بعضها (glomerulus) داخل الكبسولات والتي تسمح فقط بمرور مكونات معينة كالفيتامينات والمعادن والسوائل إلى الأنبوبات الكلوية(renal tubules) وعلى هذه الكبيبات أن تتعرف أي من هذه المواد يحتاجها جسمك.
حتى بعد وصول هذه المواد إلى الأنابيب الكلوية تقوم هذه الأنابيب بعملية فلترة أخرى فتعيد امتصاص بعض هذه المواد على حسب احتياج الجسم ويتحكم في هذه العملية المعقدة عامل جديد وهو الهرمونات التي تنظم هذه العملية.
ليس هذا فحسب بل على هذه الهرمونات أن تحدد مدى حاجة جسمك للسوائل فإذا كان جسمك بحاجة إلى السوائل فإن هذه الهرمونات تعطي إشارة لهذه الأنابيب الكلوية بالسماح بإعادة امتصاص الماء نظيفاً مرة أخرى وادخاله إلى الدم وبهذه الطريقة يتم تركيز البول فترى لون البول أكثر اصفراراً من المعتاد عند نقص السوائل بجسمك كما أنه يحدث العكس إذا زادة كمية السوائل بجسمك مثل أن تشرب عدة أكواب من الماء دفعة واحدة.
وفي النهاية يتم نقل هذه المخلفات والسوائل الزائدة عن طريق أنابيب متشابكة تشبه أنابيب الصرف في حياتنا اليومية والتي بدورها تنقل البول إلى أنبوب طويل يخرج من كل كلية ويسمى بالحالب (ureter) والذي يعمل على تجميع البول النهائي إلى المثانة البولية (urinary bladder) والتي تقوم بتجميع البول على مدار عدة ساعات حتى تمتلئ ثم ترسل اشارة لمخك لتنبهك أنك بحاجه إلى إفراغ مثانتك ليتكرر ملؤها مرة تلو المرة دون انتباه منك أو ترتيب.
ولابد أن تعرف أن هذا ليس هو كل ما تقوم به كليتك وحسب بل إخراج المخلفات والسوائل الزائدة من الجسم ما هو إلا وظيفة واحدة فقط ولكنها أيضاً:
لذلك بدون الكلى ستخرج سوائل الجسم والمخلفات المتراكمة ونقص الهرمونات وزيادة حموضة الدم عن السيطرة وفي كل مرة تأكل يستقبل الدم كميات وكميات كبيرة من المواد الغير مفلترة وفي أقرب وقت فإن تراكم كل هذه الآثار سيرهق أنظمة الجسم كلها ويصاب بالتعب والإعياء الشديد وقد يهلك بذلك.
فسبحان من خلق الكلية وسبحان من جعل فيها هذا النظام والحمد لله على هذه النعمة.